العشر الاواخر من رمضان "ليالي ايمانية مفعمة بالطاعات"

للعشر الأواخر من رمضان مزيّة عظيمة ومكانة رفيعة عند الكثير من العائلات، غير أن ما تمتاز به هذه الأيام هو قيمتها الاجتماعية، والتي مهما غابت، فإنها تحضر بشفافيتها التي تجمع بين الأهل والأقارب والآباء والأحفاد.

فأم سالم يستحوذ عليها الشعور بالرضا والرحمة في هذه الأيام، كما تقول، وتضيف بانها اعتادت أن تؤدي الصلوات وقيام الليل طلبا للأجر، ومرضاة الله، وتقول "آخذ حفيدتي معي إلى صلاة التراويح، وأعلمها الطقوس الرمضانية في العشر الأواخر".

وترى أم سالم أن العشر الأواخر من شهر رمضان يختلف فيها الحال، وتفضل أن يكون انشغال العائلات باليوميات الرمضانية قبل ذلك، ليتسنى للفرد أن يقيم طقوسه بنفسه، ويعلم الأجيال القادمة هذه الطقوس.

بعباءته البيضاء ينطلق الطفل علاء "10 سنوات" مع جدّه لأداء صلاة التراويح، خصوصا في العشر الأواخر من رمضان، مستبشرا بالرضا، وطالبا التوفيق من الله، يقول " أذهب مع جدي يوميا، ويخبرني قصص الأنبياء عليهم السلام والصالحين، وأسعد في آخر أيام رمضان".

أما جدّ علاء أبو مالك فيعتبر أن أداء العشر الأواخر بطقوس معينة، من قيام الليل وتلاوة القرآن، فيه أجر عظيم، مؤكدا أنه يحاول أن يتعمد التواصل مع أبنائه وأحفاده، من خلال تعليمهم التقرب إلى الله تعالى في هذه الأيام الفضيلة.

ولا يقتصر الفضول عند الطفلة ملك "12 عاما" على سؤال والدتها عن طقوس الأيام الأواخر من رمضان، لتخبرها والدتها بعظمة هذه الأيام، وتجلّي ليلة القدر فيها، ليتسنى لها الدعاء للأهل والأقارب.

ملك تمضي بعض الوقت مع والدتها في أداء صلاة التراويح، ثم تقرأ آيات من الذكر، ثم تعود أدراجها إلى منزلها القريب من المسجد، بحيث تقدم ما تستطيعه من طاعات.

وتضيف والدة ملك بأن الطقوس في العشر الأواخر من شهر رمضان مختلفة عن باقي الشهر، وفيها ميزة الرحمة، التي تسود قلوب الأفراد، معتبرة أن تربيتها لابنتها في هذا الشهر تتمثل بتعليمها الطقوس التي تجعلها مفعمة بحب الله وحب الخير.

أما أبو عيسى "60 عاماً" فيقول بانه في شهر رمضان، وتحديدا في العشر الأواخر منه، يسعى إلى الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويضاعف اهتمامه بأسرته، ويحرص على توعية الآخرين بأهمية هذه الأيام وفضائل العبادة والطاعة فيها.

ويؤكد أنه على الزوجين أن يتعاونا على الطاعة في هذه الأيام المباركة، وحثّ أبنائهما على المسارعة إلى الخيرات، ومساعدة الناس، وأن يكونا قدوة لأبنائهما، فالابن يتعلم من والديه ويتأثر بهما.

ويسعى أبو عيسى إلى الذهاب إلى المسجد برفقة أحفاده الثلاثة، الذين اعتادوا أداء صلاة التراويح، ومع بدء العشر الأواخر، فإنه يقضي الوقت في الصلاة حتى حلول الفجر، غير أن أحفاده يجلسون حتى يباغتهم الإرهاق فيعودون إلى منازلهم.

في ضوء ذلك، يرى أبو عيسى ضرورة إتمام تعريف الجيل الجديد بفضائل الأيام العشر، بالإضافة إلى أهمية تعليمهم الطقوس والعبادات الخاصة بهذه الأيام ونقلها للأحفاد ليتسنى لهم تداولها كل عام.

ومن الأعمال الفاضلة التي ينبغي للوالدين فعلها في هذه العشر، إحياء الليل بالصلاة والاكثارمن الدعاء في السجود وعند السحر والإفطار، والاكثار من الصدقات.

في حين يفضل البعض الاعتكاف في العشر الأواخر، كما هي حال زوج "أم صدام" التي تعتبر أن الأجر، كما يراه زوجها، يكمن في كثرة التقرب من الله في هذه الأيام من خلال الاعتكاف، موقنا أن الأجر هو من عند الله، فيكثر من قراءة القرآن، ويتحرى ليلة القدر، ويتحدث لأبنائه عن شعور الإنسان في هذه اللحظات، وبأنه يتمنى أن يعمد الجميع إلى الاعتكاف، وفق أوقاتهم.

ويؤكد اختصاصي علم الشريعة د.أحمد العوايشة أهمية إيلاء العشر الأواخر من رمضان المكانة المتميزة من حيث العبادة، قدوة برسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كان الرسول يتفرغ للعبادة في هذه الفترة، ويدعو الناس الى الاعتكاف فيها، كونها الأكثر فضيلة من أيام السنة الأخرى.

ويضيف العوايشة ان من فضائل العشر الأواخر؛ إخراج الزكاة، الاكثار من الصدقات، صلة الرحم، فضلا عن تعليم الأبناء الصلاة، وإشغالهم بأداء العبادات وشرحها لهم، بدلا من انشغالهم بأمور لا طائل منها.

ومن جهته، يوضح أستاذ علم الاجتماع د.حسين خزاعي أن صورة تلاقي الأهل والأبناء خلال الشهر الفضيل، وخصوصا في الأيام العشر الأواخر، صورة بهية لم تفقد بريقها على مدار السنين.

ويضيف أنها من السلوكيات الإيجابية التي يقوم بها أرباب الأسر، فهي تعلم الأبناء السلوك الصحيح، وتغرس فيهم القيم والمظاهر الجميلة، والفاعلية الإيجابية من قبل الاطفال نحو مجتمعهم.

وجلوس الآباء مع الأبناء قبل اصطحابهم الى المساجد أمر مهم، وفق الخزاعي، وذلك لمراعاة العمر المناسب للأطفال الذين يجب أن يذهبوا الى المسجد، منوها الى أن بعض الأمهات يجلبن أطفالهن "الرضّع" الى المسجد، في حين يجب تعليم الطفل آداب الدخول الى المسجد والصلاة مع جمع المصلين.

ويؤكد خزاعي أن مثل هذه الظاهرة يجمّلها الآباء بتوفير مظهر مناسب للأطفال من خلال تهيئتهم للذهاب إلى الصلاة، وفي ذلك توارث للأجيال، يعمق روح التواصل بين الآباء والأبناء والاحفاد

يعكيك العافية شي جميل

الله يعافيك اخي الفاضل
منورنا بتواجدك دائما
دمت للافضل
تحياتي